شهدت أسعار القصب ارتفاعًا كبيرًا خلال موسم هذا العام، نظرًا لزيادة الطلب من محال بيع عصير القصب «العصارات»، بالإضافة إلى تراجع المساحة المزروعة من القصب، حيث ارتفع سعر الفدان منذ العامين الماضيين ارتفاعًا تجاوز الـ200% إذ سجل 310 آلاف جنيه بدلًا من 90 ألف جنيه.

ورصدت «المصري اليوم» في جولة بسوق القصب بمنطقة المطرية بالقاهرة، تأثير ارتفاع أسعار القصب على التجار وأصحاب محلات بيع القصب.

سوق القصب بالمطرية.. اللبشة بـ70 جنيهًا

قال حسين محمود، أحد تجار القصب، إن سعر فدان القصب شهد منذ العامين الماضيين ارتفاعًا كبيرًا تجاوز 200% إذ سجل سعر الفدان 310 آلاف جنيه بدلًا من 90 ألف جنيه، نتيجة نقص المساحة المزروعة، واتجه عدد كبير من المزارعين لزراعة محاصيل أخرى مثل فول الصويا وعباد الشمس والبطاطس والفلفل.

وأوضح محمود أن دورة بيع القصب تمر بأكثر من مرحلة بدايةً من حصاده، ثم تقشيره بواسطة المزارعين، وتحميله على السيارات، وصولًا إلى القاهرة من محافظات المنيا وقنا الأكثر إنتاجًا للقصب، ويتم توزيعه على الأسواق وأصحاب العصارات، قائلًا: «مصاريف تحميل القصب على العربيات كانت لا تتعدى الـ1500 جنيه، لكن السنة دي تكلفة التحميل وصلت لأكثر من 3000 جنيه غير أرضية السوق ومصاريف العمال اللي بيحملوا القصب على العربيات».

كم تدفع لتشرب عصير قصب أنت وأسرتك؟

وحول تأثير ارتفاع سعر القصب على سعر كوب العصير، قال صفوت عبدالتواب، أحد تجار القصب وصاحب محلات العصير بمنطقة المطرية، إن سعر «اللبشة» من القصب ارتفع بشكل كبير، إذ يتراوح سعرها من 50 جنيهًا إلى 70 جنيهًا بدلًا من 20 جنيهًا في العام السابق، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر «اللبشة» أثر على حجم استهلاك محلات العصير من القصب، كما أثر على سعر كوب العصير إذ يتراوح سعر كوب العصير من 10 إلى 30 جنيهًا حسب المنطقة.

وأوضح على أبوشنب، صاحب أحد محلات العصير، أن الإقبال على محلات عصير القصب هذا الموسم شهد تراجعًا بنسبة تتخطى 30% نتيجة ارتفاع أسعار كوب العصير، قائلًا: «رب الأسرة اللي كان بييجي يشتري كوباية العصير بـ5 جنيه وهو ولاده كان بيدفع 20 جينه، حاليًا الكوباية وصلت من 15 لـ20 جنيه يعني علشان يشرب هو وولاده الاتنين ومراته يدفعله 80 جنيه ودا رقم كبير على أسرة دخلها على القد فسحتها الوحيدة هي خروجة لشرب القصب».

زيادة في الطلب صيفًا على المحصول

من جانبه قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن هناك العديد من العوامل وراء ارتفاع أسعار القصب، نظرًا لزيادة الطلب من قبل محلات «العصارات»، وتراجع المساحة المزروعة لترشيد الحكومة لاستهلاك المياه، بالإضافة إلى زيادة الطلب من قبل المواطنين على شراب القصب خاصة في فصل الصيف.

وأضاف أبوصدام في تصريح لـ«المصري اليوم»، أن سعر طن القصب سجل قيمة 4000 جنيه، بينما تجاوز سعر الفدان 200 ألف جنيه، متوقعًا أن يشهد سعر القصب انخفاضًا خلال الأشهر القادمة نتيجة زيادة المعروض في الأسواق.

مدير معهد المحاصيل السكرية: هذه حلول الأزمة

من جانبه أرجع الدكتور أيمن العش، مدير معهد المحاصيل السكرية، ارتفاع أسعار القصب إلى التجار وخاصة محلات العصائر ومصانع العسل ومشتقاتها، إذ ارتفع سعر الطن إلى 2000 جنيه، كما أن العديد من المزارعين لجأوا إلى توريده للعصارات ومصانع العسل الأسود بدلًا من توريده للمصانع كما حدث مع مصنع أبوقرقاص بالمنيا.

واستعرض العش المعوقات التي تؤثر على محصول زراعة القصب في مصر والتي تتمثل في زيادة تكاليف الإنتاج للمزارعين، وأسعار الأسمدة والمدخلات الزراعية الأخرى، مما أثر على هوامش الربح للمزارعين، فضلًا عن مشاكل الري المتزايدة التي تواجه زراعة القصب، مما يؤثر على إنتاجية المحصول، كما أن هناك صعوبات إضافية تواجه المزارعين مثل تنظيف القصب من الأوراق الجافة وحرق الحقول للتخلص من الحشائش والثعابين.

ولفت إلى عدة طرق يمكن استخدامها لتحسين أزمة قصب السكر في مصر وزيادة الإنتاجية منها استخدام طرق الري الحديثة والتوسع في مشروعات الصرف الزراعي لمواجهة مشاكل الري التي تواجه زراعة القصب وتقديم الدعم للمزارعين لتخفيف تكاليف الإنتاج، وتطوير البنية التحتية للقطاع السكري، بما في ذلك زيادة طاقة المصانع وتحديث التكنولوجيا المستخدمة وتشجيع الاستثمارات في مجال زراعة وتصنيع القصب، من خلال توفير الحوافز والتسهيلات اللازمة للمستثمرين وإجراء المزيد من البحوث والدراسات لتطوير أصناف قصب جديدة عالية الإنتاجية ومقاومة للآفات والأمراض.

كما تناول أهم الممارسات الزراعية الحديثة لتحسين إنتاجية محصول قصب السكر في مصر وهي: استخدام أساليب الري الحديثة كالري بالتنقيط والري بالرش، لتوفير المياه وتحسين كفاءة استخدامها وتطبيق برامج المكافحة المتكاملة للآفات والأمراض، باستخدام مبيدات آمنة بيئيًا وطرق زراعية وميكانيكية وزراعة أصناف قصب جديدة عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض، من خلال البحوث والتطوير وتحسين إدارة الأراضي والتربة، بما في ذلك إضافة الأسمدة العضوية وتحسين الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة وتدريب المزارعين على ممارسات الزراعة الجيدة وتطبيق نظم إدارة الجودة والسلامة الغذائية وتطوير البنية التحتية للقطاع السكري، بما في ذلك زيادة طاقة المصانع وتحديث التكنولوجيا المستخدمة وتقديم الحوافز والدعم المالي للمزارعين لتشجيعهم على تبني التقنيات الحديثة وتحسين الإنتاجية.