تسعى الدولة المصرية بشتى السبل إلى زيادة الرقعة الزراعية؛ لتوفير الأمن الغذائى، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، وسد الفجوة الغذائية، وذلك فى ظل الأزمة الغذائية التى تشهدها كثير من دول العالم فى الوقت الحالى، وتمضى الحكومة المصرية قدماً فى تنفيذ مشروع "الدلتا الجديدة".
تسعى الدولة المصرية بشتى السبل إلى زيادة الرقعة الزراعية؛ لتوفير الأمن الغذائى، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، وسد الفجوة الغذائية، وذلك فى ظل الأزمة الغذائية التى تشهدها كثير من دول العالم فى الوقت الحالى، وتمضى الحكومة المصرية قدماً فى تنفيذ مشروع "الدلتا الجديدة".
بمساحة تصل إلى 2.2 مليون فدان، والذى يستهدف بالأساس زيادة رقعة الأراضى الزراعية بالبلاد، وتأمين غذاء المصريين من السلع الأساسية، فى الوقت الذى تؤسس ضمنه أكبر نهر اصطناعى لإمداده بالمياه.
مشروع الدلتا الجديدة يعتمد على شق ترعة "النهر الصناعى" لمهمة توصيل المياه اللازمة لزراعة ما يقارب من 2.2 مليون فدان فى الصحراء الغربية، وتبرز أهمية هذا النهر فى أن حصة مصر من مياه النيل تبلغ 5.55 مليار متر مكعب سنوياً، وهى لا تكفى عدد سكان المحروسة، فنصيب الفرد من المياه، يصل إلى 560 متراً مكعباً فقط من المياه سنوياً، وهو ما يمثل تقريباً نصف خط الفقر المائى.
سياسة الدولة
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية قد وجه، بضرورة استمرار التنسيق بين الجهات والقطاعات المعنية، لاستكمال العناصر والمكونات الخاصة بهذا المشروع، مع مواصلة استخدام نظم الرى الحديثة، فى إطار سياسة الدولة بترشيد استهلاك المياه ورفع كفاءة إدارتها.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن الدولة تسعى لتحقيق الهدف الاستراتيجى بإضافة مساحات جديدة من الرقعة الزراعية، لتنمية الموارد الاقتصادية الزراعية، وتحقيق الأمن الغذائى، وتقليل فجوة الاستيراد، وإقامة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية جديدة، تسهم فى استيعاب الزيادة السكانية، وإضافة المزيد من فرص العمل وزيادة الدخل للمواطنين.
بطريقة آمنة
وكشف الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والرى، عن آلية توفير المياه لمشروع الدلتا الجديدة، فيما يشبه إنشاء نهر نيل جديد، عبر إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بطريقة آمنة دون إهدار للمياه، وإعادة توجيهها ونقلها للأماكن الزراعية بالمشروع.
وقال سويلم: إن المشروع يشمل مساراً وحيداً لإيصال المياه للمشروع بطول 174 كم، ينقسم بين ترع مكشوفة ومواسير مغطاة؛ للحفاظ على المياه من الفقدان، والمسار عليه 12 محطة مياه لرفعها، ومحطة معالجة كبيرة فى منطقة الحمام، ليصبح إجمالى المياه المتدفقة بقدرة 7.5 مليون متر مكعب يومياً؛ مما يجعلها أكبر محطات معالجة مياه الصرف الزراعى على مستوى العالم.
وتابع الوزير: إن التكلفة الإجمالية لأعمال نقل المياه لمشروع الدلتا الجديدة تصل إلى 60 مليار جنيه، بما يشمل محطات الرفع والمعالجة وإنشاء الخطوط، مؤكداً على توفير كميات المياه اللازمة لزراعة الأراضى بالدلتا الجديدة عن المياه المُستهلكة فى الدلتا القديمة.
مشروعات ضخمة
ولفت إلى أن الأعمال تتطور يوماً بعد يوم فى محطة "الحمام" للمعالجة، ومن المنتظر أن نبدأ الأعمال التجريبية خلال الأيام المقبلة، موضحاً أن الدولة تقوم بمشروعات ضخمة خلال السنوات الأخيرة، وأن مشروع المسار الناقل بمحور جنوب الضبعة ينقل مياه صرف صحى ومياه صرف زراعى، وتتم معالجتها بجنوب الضبعة.
وأشار إلى أن المشروع يزيد الرقعة الزراعية، ويضيف مساحات جديدة، وخلق وظائف عمل ومجتمعات زراعية، وإنتاج منتجات زراعية.
غير دقيق
ومن جهته قال المهندس محمد غانم المتحدث بإسم وزير الرى، إن تعبير "نهر صناعى" غير دقيق، فهى مياه صرف زراعى من منطقة غرب الدلتا متوجهة لمحطة الحمام للمعالجة.
وقال غانم، إن المقصود مسار ناقل يأخذ من مياه الصرف الزراعى، ويتم نقلها فى مسار طوله 174 كيلو متراً، منها جزء مكشوف وآخر مواسير، حسب طبيعة الأرض فى هذه المناطق.
وأوضح أن مصر من أكثر دول العالم معاناةً من الشح المائى والمحدودية فى مواردها المائية، ولذلك جاء التوجه لإعادة استخدام المياه لأكثر من مرة، حيث سيتم الانتهاء من إنشاء محطة المياه فى أقل من عام.
وأشار المتحدث بإسم وزارة الموارد المائية والرى، إلى أن محطة الحمام الجارى إنشاؤها غرب الدلتا، هى أكبر محطة للمعالجة على مستوى العالم، حيث ستكون بطاقة 7.5 مليون متر مكعب فى اليوم، مشدداً على أن ذلك يكشف حجم المجهود الهائل لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، فلدينا محدودية فى مواردنا المائية 60 ملياراً يقابلها احتياجات تصل لـ 110 مليارات وأكثر، فيتم تعويض جزء من الفارق الكبير بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى.
محطة الحمام
وأوضح أن محطة «الحمام» تعد واحدة من أكبر محطات معالجة المياه على مستوى المنطقة الغربية، تم تنفيذها بتكلفة مبدئية بلغت نحو 60 مليار جنيه تقريباً حتى الآن، وبتقنيات عالمية فى منظومة المعالجة الثلاثية للمياه، كما قدرت الطاقة الإنتاجية للمحطة نحو 7.5 مليون متر مكعب يومياً، ومن المقرر أن تكون هذه المحطة نواة رئيسية وحقيقية لرى باقى أراضى المشروع، المقدرة كمرحلة أولى بنحو 2 مليون و200 ألف فدان تضاف إلى الرقعة الزراعية، وقد قطعت مصر شوطاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة فى ملف معالجة المياه بتقنيات حديثة تحقق أقصى استفادة من الكميات الكبيرة التى كان يتم فقدها من الصرف الزراعى والصناعى، فى وقت حققت دول كثيرة نجاحات كبيرة فى ملف التنمية الزراعية، والاستفادة من موارد المياه.
الأول والأضخم
وقال محمد السباعى، وكيل لجنة الزراعة والمياه بمجلس النواب، إن مشروع النهر الصناعى يمثل أحد الوسائل الرئيسية لتحقيق هدف مشروع الدلتا الجديدة، الذى يتضمن فى محاوره عدة مشاريع زراعية وتنموية أخرى، كمشروع نهضة مصر، ومشروع محور الضبعة.
وأوضح السباعى لـ"الأهرام الزراعى"، أن النهر يعد الأول والأضخم من نوعه؛ لأنه يستهدف زراعة مساحة أكبر من صحراء مصر الغربية، مما يجعله يفوق مشروع توشكى بخمسة أضعاف المساحة المزروعة، مؤكداً أن مشروع الدلتا فى زراعة 15% من إجمالى الرقعة الزراعية فى مصر باستخدام نظام الرى المحورى، حيث إنه تم الانتهاء الفعلى من زراعة نحو 350 ألف فدان حتى عام 2022، وجارٍ عمليات استصلاح باقى المساحة.
وأشار إلى أن الدولة تستهدف تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الغذائى بحلول عام 2025م من خلال إنتاج نحو من 65% من محاصيل القمح، وتستخدم إنتاج 48.6% من محاصيل الذرة، وأيضاً النسبة المستهدفة من زراعة قصب السكر 66.7%، مضيفاً: أن المميزات الأخرى التى يوفرها المشروع من تأسيس مجتمعات سكنية وعمرانية جديدة تخفف من عبء الكثافة السكانية، وأيضاً توفير أكثر من خمسة ملايين فرصة عمل جديدة مما يساعد فى تقلص نسبة البطالة.
الاستغلال الأمثل
وقال الدكتور عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، إن الدولة المصرية تبذل مجهوداً كبيراً فى القطاع الزراعى والعمل على التوسع فى المساحات الخضراء فى مختلف أنحاء الجمهورية، من خلال الاستغلال الأمثل للمساحات الصحراوية لبث الحياة فيها وتحقيق تنمية مستدامة، إلى جانب مواكبة الأهداف الدولية التى تسعى لها جميع دول العالم فى زيادة المساحات الخضراء، والحفاظ على موارد البيئة المهددة بالزوال.
ونوه إلى أن محطة تحلية المياه عنصر وعامل أساسى فى تحقيق أهداف مشروع أكبر نهر صناعى فى مصر، وأيضاً الركيزة الأساسية فى مختلف المشاريع القومية للدلتا الجديدة، إلا أنه أيضاً يساهم بقدر كبير فى إنتاج مصادر مياه جديدة، من شأنها المحافظة على مياه نهر النيل، وعدم تعرضها لانخفاض منسوبها.
وأشار إلى أنه تم إنشاء المحطة على امتداد ساحل البحر المتوسط، تحديداً بمنطقة الحمام بالساحل الشمالى، فهى أكبر وأضخم محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعى، بطاقة تتجاوز ستة ملايين متر مكعب من المياه يومياً، وسوف يتم توصيلها إلى مناطق الاستصلاح الزراعى بغرب الدلتا، بواسطة المسار الذى يتم تجهيزه؛ للمساهمة فى زراعة خمسمائة ألف فدان.
وتابع: إنه من المتوقع الانتهاء بالكامل من محطة الحمام والعمل بكامل طاقتها الاستيعابية المخططة لها بحلول عام 2050م.