يستعد البنك المركزي المصري لإطلاق مؤشر الجنيه، قبل نهاية العام الجاري 2023، بمعنى أن يضع المركزي سلة من العملات الدولية إلى جانب الذهب، ليكون هذا المؤشر وحدة قياس جديدة للجنيه، في إطار سعي البنك لإيجاد سعر صرف حقيقي للعملة المحلية، بدلا من الاعتماد على الدولار، ما يغير ثقافة ارتباط سعر الصرف المحلي بالدولار الأمريكي.
يستعد البنك المركزي المصري لإطلاق مؤشر الجنيه، قبل نهاية العام الجاري 2023، بمعنى أن يضع المركزي سلة من العملات الدولية إلى جانب الذهب، ليكون هذا المؤشر وحدة قياس جديدة للجنيه، في إطار سعي البنك لإيجاد سعر صرف حقيقي للعملة المحلية، بدلا من الاعتماد على الدولار، ما يغير ثقافة ارتباط سعر الصرف المحلي بالدولار الأمريكي.
الجنيه أمام الدولار الأمريكي
وتعد مؤشرات قياس أداء العملة، أمرا مطبقا في عدد كبير من الدول، وهناك مؤشرات رئيسية بالفعل مثل هذه المؤشرات:
مؤشر الدولار الأمريكي.
مؤشر الجنيه الاسترليني.
مؤشر الدولار الكندي.
وبالاعتماد على هذه المؤشرات، يتم ضم سلة من العملات بوزن نسبي مختلف بهدف إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على الدولار الأمريكي، وبذلك يكون الهدف الرئيس من إطلاق مؤشر الجنيه، هو تغيير الصورة الذهنية للمواطنين، والتي تربط بين سعر صرف الجنيه والدولار في تأكيد من الدولة، على أنها ليست بحاجة لربط الجنيه والدولار، كما يحدث في دول الخليج، والتي يقوم اقتصادها على تصدير النفط في الأسواق العالمية مقابل استيراد مجموعة كبيرة من السلع الاستراتيجية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى عدد من الخبراء، ومحللي أسواق المال، أن ربط الجنيه بالدولار، أمرا مغلوطا، لأن الولايات المتحدة ليست شريكا تجاريا لمصر بالأساس، بالتزامن مع بحث القاهرة عن حلول للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي كانت أحد أسبابها، هو سياسة التشديد النقدي التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، واتجاه الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة بشكل مستمر، ما يؤثر على السيولة الدولارية حول العالم، ويخلق حالة من الخناق على الاقتصادات الناشئة والاقتصادات.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أكد في اجتماع الحكومة بالعلمين يوم الأربعاء 17 مايو الماضي، أن الجنيه مقدر بأقل من قيمته، نتيجة نقص العملة الصعبة، ما يؤدي للمبالغة في تقديرها، مشددا على أنه باتفاق جميع الخبراء، فإن الجنيه المصري مقدر بأقل من قيمته الحقيقية، وشغلنا الشاغل حاليا هو تقييم الجنيه بقيمته الحقيقية، مضيفا أن ضخ الاستثمارات يؤدي إلى دخول عملة صعبة لمصر، وبالتالي لن تحدث أزمة بالدولار ويبدأ تقييم الجنيه بقيمته الحقيقية.
إطلاق مؤشر الجنيه المصري
في هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، إن إطلاق مؤشر الجنيه، هو أمر إيجابي بلا شك، ولكنه يظل مؤشرا قياسيا، بمعنى أنه يقيس حجم المعاملات التجارية مع العالم، ما لم يقترن بتغيير في تركية هذه المعاملات وحجم العجز والوافر بالميزان التجاري.
ولفت: صحيح أن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الرئيسي لمصر، لكن عملتها الدولار، هي عملة التسوية والسداد في المعاملات الدولية، وهذا يأخذنا إلى مسألة بناء احتياطي نقدي متنوع من العملات وليس الدولار فقط، لأن الأخضر لا يزال حتى الآن عملة التسوية في المعاملات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، ومن المتوقع أن يستمر هذا النحو لفترة ليست بالقصيرة.
وأضاف سلامة، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن فك الارتباط بالدولار لن يحدث بين يوم وليلة، ولكن الأمر يستدعي دراسة بحيث يكون المؤشر المزمع إنشاءه مفيد جدا، مع الأخذ بالاعتبار، للمتغيرات الجيوسياسية الدولية وتأثيراتها على عملية التبادلات التجارية، لان فك الارتباط بالدولار يتأثر بالمنافسية بين أمريكا والصين، وهذه المنافسة سوف تستغرق وقتا طويلا وتستنزف أموالا كثيرة من الجانبين.
وفي تقرير لـ "دويتشه بنك"، في مايو الماضي، كشف عن أنه بعد التخفيضات السابقة للجنيه، شهدت مصر تحسنا ملموسا، حيث عاد الحساب الجاري إلى تحقيق فائض في الربع الرابع من 2022، كما تقلص عجز الميزان التجاري خلال النصف الثاني من نفس العام، مرجحا أن يكون عجز 2023 أقل مما كان في 2022، مؤكدا أن الجنيه مقدر بأقل من قيمته بنسبة 20%، كما أدى استقرار سعر الصرف إلى تصحيح جزئي، لكن الجنيه لا يزال مقدر بأقل من قيمته بنسبة 10%.
مؤسسة جولدمان ساكس
وفي تقرير آخر لمؤسسة جولدمان ساكس، أواخر أبريل الماضي، حول تقديرات للجنيه المصري، يرى التقرير أن الجنيه مقدر بأقل من قيمته بنسبة 25%، وذلك بسبب التخفيضات المتعددة لقيمة العملة، فيما شهد الجنيه أواخر مايو الماضي ارتفاعا نسبيا أمام الدولار في السوق الموازية، حيث انخفض من مستويات 40 جنيها إلى مستويات 37 جنيه، مع توقعات تأجيل الدولة أي خطوة لتحريك سعر صرف الدولار أمام الجنيه لبعد انتهاء السنة المالية الحالية لاحتواء عجز الموازنة.
أما عن قيمة الدولار السوقية حاليا، فهي حوالي 30.92 جنيها، ووفقا لمعهد التمويل الدولي، وهو أحد المؤسسات المالية التي تضم أكبر البنوك التجارية والاستثمارية في العالم، فإن قيمة الجنيه العادلة فبراير الماضي، بين 24 و26 جنيه للدولار، ما يعني أن سعر الصرف الحالي يشهد زيادة غير عادلة في قيمة الدولار أمام الجنيه.
ويتفق تقرير دويتشه بنك وجولدن مان ساكس، مع التصريحات الصادرة من المسئولين في الدولة، حيث قال محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، إن الجنيه مقدر بأقل من قيمته بأكثر من 10%، والدولار سيعود لأقل من 30 جنيهًا وإلى وضعه الطبيعي خلال الفترة المقبلة مع عودة الاستثمارات الخارجية إلى مصر مرة أخرى.