في مشهد طبيعي أخاذ، وعبر رحلة مليئة بالتحديات التي تجسد روح العطاء والاهتمام والاستدامة، تبرز بساتين العنب الممتدة بمزارع نجران والتي تجود كل عام بأفضل محصول للعنب النجراني المعروف بجودة ثماره وتنوعه، نظرا لما تنعم به من مياه وفيرة وعذبة وأرض خصبة، وبما يعكس تمسك مزارعيها بمورثهم الزراعي من خلال تلك الحقول الخضراء الجميلة.
وفي جولة لـ "واس" في بعض المواقع الزراعية بالمنطقة، الممتدة على ضفتي وادي نجران، ومحافظتي بدر الجنوب، وحبونا، التقت خلالها عددا من مزارعي المنطقة، الذين أوضحوا أن زراعة العنب تمر بعدة مراحل حتى تصل لمرحلة القطاف، وأن زراعته مختلفة عما عرفه الناس عن بذر النباتات والأشجار المختلفة.
وأشاروا إلى أن العنب يزرع عن طريق أخذ غصن من شجرة العنب وليس عن طريق البذور، ومن ثم غرس رأسيه في الأرض، بشكل متقابل، بعدها تبدأ عملية العناية به بوضع السماد الطبيعي، ومواصلة ريه بالماء، حتى تظهر الشجرة من أحد الطرفين المغروسين، وأحيانا تظهر من كلا الطرفين كشجرتين.
وتتميز شجرة العنب بامتدادها، واستطالتها بشكل متسارع، ويمدها المزارع على مجموعة من الأعمدة اليابسة التي تؤخذ عادة من شجر الأثل أو من الأشجار غير المثمرة، ويصل طول بعض أشجار العنب إلى 15 مترا، تمتد بشكل أفقي على الأعمدة في البساتين، وتسمى في نجران "عرائش العنب"، وهي الطريقة التقليدية القديمة في المنطقة التي ما زال المزارعون في نجران يستخدمونها رغم تطور المعدات والركائز البلاستكية أو المعدنية، لما لها من شكل جميل وبديع للبستان، وللاستفادة أيضا من تنظيف المزرعة من الأشجار النابتة بشكل عشوائي أو ذات الأغصان الكبيرة والمائلة التي تحتاج إلى تجميل وتقليم.
ويواصل المزارع عنايته بشجر العنب وتنظيف جذوعه وسواقيه، حتى موعد خروج الثمار، ونضجها، ثم حصادها بطريقة هادئة وخاصة، تضمن أخذ العناقيد كاملة دون تشويه الأشجار، ومن ثم تعبئتها في الصناديق الكرتونية وتوزيعها على محال الخضار والفواكه المنتشرة في شوارع وأحياء المنطقة.