رونالدو وميسي في كفتي الميزان .. من كان أعظم لاعب كرة قدم؟

241 07-06-2023

كرة القدم   ميسي   رونالدو  

مساء السبت، لعب ليونيل ميسي مباراته الأخيرة مع نادي باريس سان جيرمان، في مباراة ضد نادي كليرمون الصغير، وكان يبدو كما لو أنه ليس في وسعه الانتظار حتى يصل إلى النهاية.

شارك :


مساء السبت، لعب ليونيل ميسي مباراته الأخيرة مع نادي باريس سان جيرمان، في مباراة ضد نادي كليرمون الصغير، وكان يبدو كما لو أنه ليس في وسعه الانتظار حتى يصل إلى النهاية.


يبدو أن تحقيق هدفه الرئيس في مسيرته –الفوز بكأس العالم مع منتخب الأرجنتين في كانون الأول (ديسمبر)– قد استنزف حماسه. قام نادي باريس سان جيرمان أخيرا بتغريمه بسبب قيامه برحلة ترويجية ليوم واحد غير مصرح بها إلى السعودية، ويسخر منه المشجعون الباريسيون بانتظام، وغاب عن احتفالات نهاية الأسبوع الماضي باللقب لحضور حفل فرقة كولدبلاي في برشلونة. في 24 حزيران (يونيو)، سيبلغ 36 عاما. وقد يضيف مرحلة أخيرة إلى مسيرته المهنية رفيعة المستوى عبر العودة إلى نادي برشلونة، الذي قد يتعاقد مع نادي إنتر ميامي في صفقة مشاركة لاعب غير عادية، أو قد ينضم إلى منافسه الأبدي كريستيانو رونالدو، البالغ من العمر 38 عاما الآن، في الدوري السعودي، حيث يقال إنه ينتظره أجر غير مسبوق.


أيا كان ما سيقرره ميسي، فإن أعظم منافسة فردية في كرة القدم تقترب من نهايتها. قياسا على طول مسيرتهما الكروية، يعد هو ورونالدو أفضل لاعبي كرة قدم في تاريخ اللعبة على الإطلاق. إذ جعل التنافس بينهما كل رجل أفضل مما كان ليكون عليه دون الآخر. لقد كان جيلنا من مشجعي كرة القدم محظوظا لمشاهدتهما. لذلك حاولنا هنا تحديد مدى عظمتهما عبر حياتهما المهنية بأكملها، وتصنيف بعض المتنافسين الآخرين.


كان من الممكن أن يكون الاثنان زميلين في الفريق، إذ في صيف 2003، عندما كان ميسي نجم أكاديمية برشلونة للشباب، كان النادي يتطلع لشراء رونالدو البالغ من العمر 18 عاما من نادي سبورتينج لشبونة. بدلا من ذلك، انضم الصبي من ماديرا إلى نادي مانشستر يونايتد. اعترف فيران سوريانو، الرئيس التنفيذي لنادي برشلونة آنذاك، لاحقا: "اعتقدنا أن مبلغ 18 مليون يورو كان باهظا للغاية".


برغم أن رونالدو أكبر من ميسي بـ28 شهرا، إلا أنهما وصلا إلى القمة في الوقت نفسه تقريبا. في 2007، فاز البرازيلي كاكا بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب كرة قدم في العالم. وكان في المرتبة الثانية من حيث التصويت برتغالي طويل القامة، وفي المرتبة الثالثة أرجنتيني صغير بقصة شعر مزهرية، ما يمثل ظهورهما الأول على المنصة.


بعد ذلك بعام، فاز البرتغالي بأول كرة ذهبية له، وأقام وكيله خورخي مينديز بوفيها فخما. في أيار (مايو) 2009، كانت قفزة ميسي وتسديده هدفا بضربة رأس في مواجهة نادي مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا بمنزلة علامة على صعوده إلى الصدارة. وعندما فاز بجائزة الكرة الذهبية في ذلك العام، قدمت عائلته بيتزا من السوبر ماركت.


في ذلك الصيف، أصبح الرجلان منافسين مباشرين في الدوري الإسباني. تعاقد نادي ريال مدريد مع رونالدو من نادي يونايتد بشكل أساسي ليكون المصل المضاد لميسي. وعلى مدى الأعوام التسعة المقبلة –وقت الذروة المشترك لهما– كانا في منافسة مباشرة في إسبانيا.


كيف تقارن العظمة بالعظمة؟ قد تبدو الأهداف مقياسا بدائيا لكنها غاية كرة القدم. إن اختراق خطوط الدفاع الحديثة المفتوحة أهم وأصعب شيء في اللعبة. بهذا المقياس، للوهلة الأولى، يتقدم رونالدو –لكن فقط بسبب براعته الفائقة في ضربات الجزاء، حيث سجل "بينالدو"، كما يسميه المستهزئون، 152 هدفا، بمعدل يبلغ 84 في المائة من الأهداف إلى التسديدات، وسجل ميسي 108 أهداف، بمعدل تحويل يبلغ 78 في المائة فقط. ضع ركلات الترجيح جانبا، وسيتفوق ميسي جزئيا على رونالدو، 660 هدفا مقابل 657 هدفا، رغم مسيرته المهنية الأقصر.


أضف التمريرات –الأهداف التي مرراها لزملائهم– فالحكم واضح: ميسي كان اللاعب الأعظم. فبينما رونالدو مجرد هداف لامع، فإن ميسي هداف لامع وصانع فرص لامع. لقد ساعد على تسجيل أهداف بعيدة المدى أكثر من البرتغالي، لكن الفجوة اتسعت بعد 2015، عندما دخل رونالدو الثلاثينيات من عمره وحذر من الأضرار المزمنة، التي لحقت بركبته اليسرى، وحول نفسه من لاعب هجوم متنقل إلى آلة تسجيل أهداف من منطقة الجزاء.


ما يميزهم عن كل عظماء الماضي –باستثناء ألفريدو دي ستيفانو، قائد ريال مدريد في الخمسينيات والستينيات– هو أنهما حافظا على عظمتهما لنحو 20 عاما. هذا إلى حد كبير، لأنهم وقتوا حياتهم المهنية بشكل مثالي، إذ في العقد، الذي سبق وصول الثنائي إلى الساحة، أعيد تصميم كرة القدم لمصلحة البطل الخارق.


كان المحفز هو التلفزيون. قبل التسعينيات، تم بث بعض المباريات مباشرة. وكانت الأجور متواضعة نسبيا، وكان أفضل اللاعبين يعيشون مثل نجوم الروك، مع القليل من التفكير بشأن المستقبل. كان جورج بست مدمنا على الكحول، ويوهان كرويف مدخنا شرها، ودييجو مارادونا مدمنا على الكوكايين. ثم بنى أباطرة مثل روبرت مردوخ وسيلفيو برلسكوني قنوات تلفزيونية مدفوعة لكرة القدم. فجأة، أصبحت النوادي مقدمة محتوى، وأصبح النجوم محتوى متميزا. عرضت الأندية على النجوم صفقة جديدة: سندفع لك ثروات إذا أكلت وتدربت وعملت كالمحترفين. قبل ميسي ورونالدو العرض.


مدفوعة بالتلفزيون، غيرت لعبة كرة القدم قواعدها لحماية النجوم. اتخذ الحكام إجراءات صارمة ضد المخالفات، وتم حظر العرقلة من الخلف. حتى إذا فات الحكم أمر ما، فلا يزال على الجاني القلق من أن تضبطه الكاميرا. قال ميسي في 2005: "لا يحدث شيء حقا في كرة القدم الاحترافية لأن هناك حكاما. كنا في المدرسة عندما كانت الركلات ركلات حقيقية". بمجرد الاعتراف به ورونالدو ككنوز دولية، منذ نحو 2008، حصلا على حماية إضافية.


في غضون ذلك، تحسنت التغذية والتدريب. ميسي، العبقري بطبيعته بشكل أكبر، أصبح ملتزما بذلك بمجرد أن بدأ جسده في التدهور. عندما نظر إلى الوراء، كان يبلغ من العمر 30 عاما حينها، قال: "كنت آكل بشكل سيئ، الشوكولاتة والمشروبات الغازية وكل شيء. وهذا جعلني أتقيأ أثناء المباريات. أما الآن أعتني بنفسي بشكل أفضل بتناولي للسمك، واللحوم والسلطات". أمضى رونالدو ساعات في ممارسة الرياضة في المنزل منذ البداية. وفي 2016، قام بتشديد نظامه الغذائي القاسي، وخفض وزنه من 82 كجم إلى 79 كجم ليستعيد بعض السرعة.


استمر الاثنان في العمل لفترة طويلة، وذلك جزئيا لأنهما حفزا بعضهما بعضا، وتنافسا على مكانة اللاعب الأول في العالم. يوضح المهاجم الفرنسي كيليان مبابي أن أفضل لاعبي كرة القدم يراقبون بعضهم بعضا. وأخبرني: "تقارن نفسك دائما باللاعب الأفضل في رياضتك، تماما كما يقارن الخباز نفسه بأفضل الخبازين من حوله. من الذي يصنع أفضل كرواسون، وأفضل شوكولاتة؟ أعتقد أن ميسي قدم معروفا لرونالدو، ورونالدو قدم معروفا لميسي. بالنسبة لي، هما أفضل لاعبين في التاريخ، لكني أعتقد أن أحدهما دون الآخر لم يكن ليظل الأفضل متقدما على الآخرين لمدة 15 عاما. ربما كانا سيتكاسلان في مرحلة ما. لكن أن يكون لديك لاعب جيد بالقدر نفسه في الفريق المنافس في الدوري نفسه، أعتقد أن الدافع يكون عندها في الحد الأقصى".


عندما كان مبابي نفسه يتنافس على لقب أفضل هداف في أوروبا في موسم 2018- 2019، لاحظ أن ميسي ظل يتفوق عليه. "كنت أحرز هدفين، فيحرز هو ثلاثة، كنت أحرز ثلاثة أهداف، فيحرز أربعة. لقد كان جنونيا للغاية لدرجة أنني تحدثت مع عصمان ديمبيلي، (صديق مبابي الذي يلعب مع نادي برشلونة): "هذا غير ممكن! هل يفعل ذلك عن قصد؟ هل يتحقق من عدد الأهداف التي أسجلها؟" وأخبر ديمبيلي: "بالطبع يراقبك!". أنهى ميسي ذلك الموسم بصفته أفضل هدافي أوروبا، برصيد 36 هدفا، بفارق ثلاثة أهداف عن مبابي.


التنافس بين ميسي ورونالدو له ما يوازيه في التنافس المتزامن والدائم تقريبا في دوري تنس الرجال، بين روجر فيدرر ورافائيل نادال. احتاج فيدرر إلى وقت للتعود على حقيقة وجود منافسين من جودة مشابهة له –نادال ونوفاك ديوكوفيتش وأحيانا آندي موراي– لكنه يقول: "في مرحلة ما ترفع قبعتك – وتقول: "أنت جيد جدا". أشعر بالسعادة بعد أن أدركت أنه لا يمكن أن تكون وحدك في القمة. أنت بحاجة إلى منافسين. وأنا ممتن لهؤلاء الرجال، لأنهم جعلوني لاعبا أفضل.


بالمقابل، شعر جون ماكنرو بأن متعة المنافسة سلبت عندما خرج بيورن بورج بشكل غير متوقع من لعبة التنس في 1983، عن عمر يناهز 26 عاما فقط. قال ماكنرو متذكرا لذلك لاحقا: "كنت أتمنى دائما لو أننا لعبنا لوقت أطول. أعلم أنه جعلني لاعبا أفضل وأتمنى أن أكون جعلته أفضل في مرحلة ما (...) حاولت إقناعه بالتراجع عن قرار الخروج من اللعبة مرات عديدة من قبل. حتى لو كنت سأفقد ترتيبي في المركز الأول، كنت أفضل لو استمر في اللعب".


أجبر ميسي ورونالدو بعضهما بعضا على تحقيق المجد أسبوعيا.


لكن التألق عند الطلب يمكن أن يصبح مملا بشكل غريب. بينما قدم مدمن المخدرات مارادونا مشهد صراع لاعب كرة القدم مع ما في داخله، بدا الاتساق اللاإنساني لميسي ورونالدو تلقائيا. الشيء الوحيد الذي يفتقر إليه كلا الرجلين هو شخصية مثيرة للاهتمام. ربما يكون من المستحيل تطوير واحدة إذا كرست حياتك للعظمة الرياضية.


من بين 13 جائزة كرة ذهبية منحت بين عامي 2008 و2021، فاز ميسي بسبع ورونالدو بخمس. (الفائز الآخر الوحيد كان لوكا مودريتش لاعب ريال مدريد في 2018). لم يفز أي لاعب من قبله أكثر من ثلاث مرات. ميسي، الذي كان جالسا بجانب رونالدو في موناكو في قرعة دوري أبطال أوروبا 2019، أخبر الصحفي: "كانت منافسة جميلة، ولا سيما عندما كان في نادي مدريد". استمع رونالدو باهتمام، ثم أضاف: "كنت أشعر بالفضول، لأننا شاركنا هذه المنصة لمدة 15 عاما، أنا وهو. لا أعرف ما إذا كان هذا قد حدث في كرة القدم من قبل. وبالطبع لدينا علاقة جيدة. ومع أننا لم نتناول العشاء معا بعد، إلا أنني آمل في فعل ذلك في المستقبل..."، ثم صمت لوهلة وضحك، وربما كان محرجا من جرأة اقتراحه.


في الواقع، قد لا يتناولان ذلك العشاء أبدا. لم يكن التنافس بينهما مدعوما بالحب -ليس مثل التنافس بين فيدرر ونادال، اللذين بكيا معا في مباراة وداع فيدرر، أو بين ملكات التنس النسائية منذ فترة طويلة، كريس إيفرت لويد ومارتينا نافراتيلوفا، اللتين بعد عقود من مسيرتهما المهنية ما زالتا تتصلان ببعضهما بعضا في وقت متأخر من الليل عندما تحتاج إحداهما للمساعدة. لكن رونالدو كان بالتأكيد اللاعب المعاصر الذي يحترمه ميسي- وهذا لا يعني أنه كان يعده مساويا له.


لطالما عزز ميسي مكانته في تاريخ كرة القدم. ففي وقت مبكر من حياته المهنية، بدأ بوعي في بناء أعمال حياته. بقدر ما ينكر اللاعبون ذلك، فإن كرة القدم رياضة فردية أيضا. قاس ميسي عظمته في الأهداف، والجوائز الشخصية وكؤوس الفريق. سيكون تقييمنا الإحصائي لمسيرته منطقيا بالنسبة له. حتى تجاوز الـ30 من عمره، كان اتفاقه غير المعلن مع مدربيه هو عدم استبداله حتى عندما كان فريقه يفوز بنتيجة 5-0 لمصلحته، جزئيا لأنه كان يسعى دائما إلى تحقيق أرقام قياسية شخصية، وأحيانا كان يحاول كسر أرقامه القياسية. بعد أن سجل ميسي هدفه رقم 600 مع الأندية في 2019، قال فيدرر مندهشا: "هذه أرقام لم يسمع بها أحد، ونرى الشيء نفسه يحدث الآن في كرة السلة، مع تحطيم كل هذه الأرقام القياسية. الناس أكثر وعيا بها وأعتقد أنهم يضغطون على نفسهم أكثر ويصبحون أكثر احترافية".


إذا كنت أفضل من المستويات العليا في كرة القدم، فسينتهي بك الأمر بالتنافس مع عظماء الماضي. يمكن القول إن المنافس الرئيس لميسي، قبل رونالدو، كان مارادونا. مثلما كان ليبرون جيمس في كرة السلة يقيس نفسه دائما ضد مايكل جوردان، حارب ميسي شبح زميله.


سرعان ما تفوقت مسيرته مع الأندية على مارادونا، لكن ميسي أمضى 16 عاما في محاولة لمضاهاة إنجاز سلفه في الفوز بكأس العالم لمنتخب الأرجنتين. في اللحظة في 18 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي عندما وقف في ملعب لوسيل في قطر يلوح بالكأس اكتملت مسيرته.


خرج رونالدو من البطولة باكيا بعد إقصاء فريقه، ثم انتقل إلى نادي النصر في السعودية. ومع ذلك، من الخطأ تصوير لوسيل على أنها انتصار ميسي النهائي على رونالدو. فحجم عينة المباريات صغير، ومن غير العدل الحكم على رونالدو بناء على أدائه في سن الـ 37 عاما، بينما بالكاد لعب أي لاعب سابق في كأس العالم في هذا العمر. علاوة على ذلك، يبلغ عدد سكان البرتغال عشرة ملايين نسمة فقط، مقابل 46 مليون نسمة في الأرجنتين. وقد ساعد رونالدو بلده على الفوز بأول بطولة كبرى له، يورو 2016.


مع ذلك، فإن فوز الأرجنتين لافت للنظر لأنه لم يتمكن أي فريق آخر من خارج أوروبا من الوصول إلى منصة التتويج -المراكز الثلاثة الأولى- في كؤوس العالم الخمسة الماضية. ووصلت ستة فرق مختلفة من أوروبا الغربية وكرواتيا إلى منصة التتويج. حتى المغرب صاحب المركز الرابع العام الماضي كان لديه فريق، كما لو أنه ولد و/أو نشأ في أوروبا. إن هذا هو مدى تميز ميسي: يمكنه التغلب على أفضل الأوروبيين.


الآن بعد أن تمكنا من وضع مسيرة الرجلين في سياق تاريخي، فقد أصبح من الواضح: لقد تفوقا على جميع لاعبي كرة القدم الآخرين الذين لعبوا على الإطلاق، وكانا سيفعلان ذلك حتى لو تقاعدا في 2019. ومن السخف السخرية من رونالدو باعتباره ساليري، منافس موزارت الأقل شأنا. ففي أي حقبة أخرى تقريبا، كان البرتغاليون يعتلون العرش دون منازع. فقد فاز كل من كيفن كيجان وألان سيمونسن ومايكل أوين بالكرة الذهبية كأفضل لاعبين في أوروبا، وفاز كيجان وسيمونسن في وقت لم يكن فيه غير الأوروبيين مؤهلين بعد للحصول على الجائزة. لم يكن أي منهم في فئة رونالدو. حتى ميشيل بلاتيني الفائز ثلاث مرات ربما لم يكن كذلك.


ويعود طغيانهما على جميع معاصريهما جزئيا إلى أن كل مباراة لعبها ميسي ورونالدو تقريبا تم بثها على التلفزيون في جميع أنحاء العالم. فأفضل اللاعبين في الكاميرون أو اليابان أو بلغاريا -الذين كانوا سيحظون بالاحترام في بلدانهم قبل التلفزيون العالمي- بدوا متواضعين بالمقارنة.


لكن تخيل للحظة، أن ميسي ورونالدو لم يولدا أبدا. في هذه الحالة، كان سيكون الهدافان الأكثر إنتاجا في أكبر بطولات الدوري الأوروبية منذ 1980 هم روبرت ليفاندوفسكي (من بولندا وبرشلونة) وكريم بنزيمة (من فرنسا وريال مدريد).


بالحكم عليهما من خلال مسارات التهديف في حياتهما المهنية (باستثناء ركلات الجزاء)، فإن هذين الاثنين ليسا أفضل من جميع العظماء السابقين. لكنهما استمرا لفترة أطول. فكلاهما لا يزال يسجل أهدافا - ليفاندوفسكي في سن الـ 34، بنزيمة في سن الـ 35 – ربما ساعدتهما رعايتهما الذاتية لنفسيهما. إذ يمتلك الاثنان صالات رياضية منزلية معدة بعناية، بينما لدى ليفاندوفسكي أيضا مدرب للنوم ويتبع نظاما غذائيا يستلزم تناول وجبات الطعام بشكل عكسي، يبدأ بالحلوى.


فاز بنزيمة بجائزة الكرة الذهبية العام الماضي -وهو إنجاز كبير في عصر ميسي ورونالدو- ما يعني أنه لم يفز أي رجل يبلغ من العمر حاليا أقل من 35 عاما بالجائزة. ومن المحتمل أن يظل هذا صحيحا هذا العام، عندما يتوقع أن يرفع ميسي، مدعوما بكأس العالم في الشتاء الماضي، الكرة الذهبية الثامنة. من المحتمل أن يتسلم الجيل القادم المسؤولية فقط في 2024.


لقد تفوق المنافسان الرئيسان، مبابي (باريس سان جيرمان وفرنسا، 24 عاما) وإيرلينج هالاند (مانشستر سيتي والنرويج، 22 عاما) بسهولة على رونالدو وميسي في أعمار مشابهة. (استغرق البرتغاليون والأرجنتينيون وقتا لترجمة عبقريتهم الواضحة إلى أهداف). ومع ذلك، يقول مبابي إنه يعلم أنه ليس جيدا مثلهما. فقد ضحك قائلا: "لست أنا وحدي من يعرف ذلك، الجميع يعرف ذلك. إذا أخبرت نفسك أنك ستكون أفضل منهم، فهذا يتجاوز الأنا أو التصميم -إنه نقص في الوعي. إن هذين اللاعبين لا يمكن مضاهاتهما. لقد حطما جميع قوانين الإحصاء".


مع ذلك، من المعقول أنه قد ينتهي الأمر به وبهالاند إلى التنافس على غرار ميسي ورونالدو إذا استطاعا الاستمرار لمدة 15 عاما أخرى أو نحو ذلك. لكن بالنظر إلى الرسوم البيانية للهدافين الشباب العظماء عبر التاريخ، يبرز رجل واحد: البرازيلي رونالدو لويس نازاريو دي ليما، "أو فينومينو"، لا ينبغي الخلط بينه وبين رونالدو البرتغالي. صحيح أنه سجل أهدافه المبكرة في البرازيل وهولندا، لكروزيرو وبي إس في أيندهوفن، ولكن في تسعينيات القرن الماضي كانت تلك البطولات قوية نسبيا، ربما يمكن مقارنتها بالدوري الفرنسي اليوم، حيث سجل مبابي أهدافه.


في 1997، أصبح البرازيلي البالغ من العمر 21 عاما أصغر رجل يفوز بالكرة الذهبية. في ذلك الوقت، وربما بسبب ضعفه أمام حبه للأكل والحفلات، عانى عدة إصابات خطيرة. حتى بعد ذلك، وفي أي وقت كان فيه يتمتع بثلاثة أرباع اللياقة ولم يكن سمينا جدا، كان لا يزال الأفضل، كما تشهد هيمنته على كأس العالم 2002. دون إصابات، واللعب في أيامنا هذه الأكثر احترافية، هل كان من الممكن أن يكون أفضل من ميسي؟